في دخانِ روحي
كان المطرُ راجفا
والرياحُ تحدّقُ بي كمرآةٍ مهشمةٍ
والشارعُ المتسائلُ عنّي
ما زال يُحصي خطى العابراتِ
لم يفكرْ يوما بقُبلتينِ
تنيرانِ شجيراتِ( الكالبتوس) على رصيفٍ راحلٍ
وفي قلقي من بياضِِ ورقةٍ سرقتْها الريحُ
كنتُ أبحثُ عن كلمةٍ
كلمةٍ تتسعُ إثنينِ تائهينِ
لم يدركا الّا بعد...
حزينٌ هو الفرح
لا أحد يلقاهُ
أو يتعاملُ معهُ أحدُ
يَقِفُ بعيداً
كالشيطانِ المنبوذِ
كلٌّ يخافُهُ
ولا يثقُ بِهِ
يسمونه بالغادرِ
يتّهمونَهُ بعدمِ الوفاءِ
إذ سرعانَ ما يختفي
متتخلِّياً عن أصحابِهِ
يستبدلُ جلدَهُ
يغيّرُ قِناعَهُ
يسخَرُ من محبِّيهٍ
وحينِ يناديهِ أحدٌ
يصمُّ أذنيه ولا يستجيبُ...
لا تحزن وتعال نفكّر
فبشيء من وحي العقل
وبشيء من عدم الجهل
وعدم الخوف
وعدم الحزن القابع فينا
تنشأ فينا الأفكار
وستنبت في أعمق أعماقنا
طاقة حبّ
تكسِر قيد الأقدار.
لا تحزن
فالله الساكن فينا
يكره كل الأحزان
ويبارك قلبا من حجر
لا يشبه كل الأحجار.
لا تحزن
فالحزن يذيب الأفكار
والله الساكن فينا
منجم كل...
أنت الآن وحدك
ووحدك الآن أنت
حجر في صحراء منسية، بلا أنس أو أنيس
موجة في نواة عاصفة مخنوقة بالملح
تطحنها الرياح ويفتتها الرذاذ
وردة يتيمة في جليد، تلفحها سوافي الثلوج
تجمدها البرودة، فيكسرها النباح
يحملها مجهول في قوس قزح
يواريها سُدًى عبثي الملامح
حولك الضباب والرماد والفراغ
الضياع...
وبين الحضور تَوارَت قليلا
كأنَّ سَناها وسط الضباب
طوَتها الرؤوس ولما أطلَّت
كأن الضياءَ على الكون لاح
وهالاتُ نورٍ تضيءُ الأماكن
تعلو وتعلو فوق السحاب
وما كنتُ أدري بأني أراها
بلحظٍ جميل بين المِلاح
وعينايَ تُبصرُ وجهًا جميلا
وعيني نَعسَى
تفتحُ للحُسن مليون باب
ورحت أُناظِرُ كل الحضور
وأرمُقها...
على وجه التقريب...
فوق الدخان دم...
فوق الدم وخلف القمر عيون مريضة...
العيون المريضة،صمت...
معنى الصمت رصاصة في الماء...
معنى الماء،التحام الشك بالريح في ساعة الألم...
تدخل الوردة من نصف دمعة وترتجف في التُربة...
ويخرج من البحر جسد نُحاسي بثلاثة رؤوس للشقاء..
الشقاء،عصب مُدرَّب على العدم...
ما بين الماء المفروم والماء المغزول:
جغرافية غريبة،
فعلا. و الرواق فيه
خبل رسام يحفر بيديه:
تارة، ماء.
و أخرى يابسة،
أو خيانات رمزية.
لماذا إذن كل هذا الخليط و اللون؟
الماء مفروم
كأنه مشروع مهني
بين دفتي حياة
تربص بها النحل والحرث.
أي نعم.
الماء أيضا
مغزول في الصفحة التي
وحدها كابدت قراءات و...
تَبَرَّجَتْ لهُ
وكانَ في نُواحِها1
من الحَمامِ
قَدْرَ أنْ يعودَ من رُوميَّةِ
احْتِراقِهِ
"أبو فِراسْ"...
وفي حَنينِ زُرْقَةٍ
تَغيبُ في جَناحِها
تَلَهُّفُ الثّمارِ في الغِراسْ
لكنّها
يا حَسْرَةً على بَراعِمِ التَّفَتُّحِ
النّبيلِ
حينَ أَحْجَمَ الفَراشُ
عن دُخولِ فَصْلِهِ...