مختارات الأنطولوجيا

كنا نتلاقى فى شرفة لوكاندة الأقصر كل مساء : أصحابى الثلاثة وأنا . جمعتنا الغربة وألف بيننا الشباب والفراغ والكسل . وكان أكثر حديثنا – كالشباب – عن المرأة . كان كل من الأصدقاء الثلاثة يبوح بتجاربه همساً . أما أكبرنا سناً فمدرس وله شهرة خاصة عن النساء وبسبب فضيحة سابقة نفته وزارة المعارف إلى...
كان المرحوم محمد أفندى زيدون كاتباً بقلم الشطب فى بلدية الأسكندرية . أين هو الآن إنه الآن نائم فى مقابر “الغفير” . إنه انتقل من صبر طويل ، إلى يوم طويل . من قصة احتملها بدون أن يفتح فمه إلى رقدة أطبق فيها فمه مكرهاً . لو تكلمت مقابر الغفير لقالت إن جنازته سار فيها أربعة أشخاص بالعدد ،...
جلست فيفى أمام المرآة ، وبينما هى تضع الأحمر فى شفتيها ، وبينما هى تفكر فى إخوتـها الذين ينتظرونها . وفى السينما التى ستذهب إليها معهم . خطر لها خاطر أضحكها . أن الفرق بين المرآة والمرأة بسيط مدة وهمزة كل ما هنالك . هل لاحظ ذلك مجدى الفيلسوف الشاعر الذى لا يفوته شئ ؟ إن لم يكن قد لاحظ...
على وهمٍ بنا؛ تمضي هنا الأيامُ بلا معنى نُداريْ عجزنا، ونُضيفُ أكلافاً لصبحٍ لا يرفُّ فكمْ أُنثى تناوبها الحنينُ: لإبنٍ ...، لزوجٍ لم يُطاوعهُ الإيابُ فهلْ هذي فروقُ الوعيِّ؛ أمْ خللٌ هنا في دمي لا يجفُّ؟ على وهمٍ نرى أسلافنا، لا كما كانوا نُضيفُ الوهمَ في أحلامنا كيْ نرى ما لا يُرى؛ هلْ هكذا...
أقيم قبل سنوات ملتقى القصة القصيرة في إحدى مدن الغرب الجزائري، وقد حضرته نخبة من النقاد وكتّاب القصة في ذلك الوقت الذي شهد ندوات ولقاءات ونقاشات مكثفة، ولأنّ أغلب المسؤولين لا يهتمون بالكتاب والكتابة والابداع واللغة، فقد افتتح الوالي أشغال المهرجان بقوله: “مرحبا بكلّ من هبّ ودبّ”، معتقدا أنه...
- 1 - - هييييييه .. النقطة نزلت .. يا ولاد ..النقطة نزلت .. يا ولاد... كنت بالدار استرق السمع لأخي الأكبر ، وهو يستذكر بصوت عال .. كان ينطق كلمات غريبة .. يرددها مراراً .. ثم يكتبها بحروف متشابكة من جهة الشمال .. سمعت صياح العيال .. وميزت صوت ٌاسمعين ٌ الحاد .. - النقطة نزلت .. يا...
الساعة السابعة مساءً يهرول المساء مسرعاً قف لحظة قلت له: إلى أين؟ قال: هل أنت أطرش؟ الأموات بدؤوا بالغناء. قطرة دمع بلورية على خد طفل، دخلت الدمعة إنها قبلة من ضياء بلا ظلال هيروشيما، ناغازاكي، البوسنة… طفل الحجارة. وخلال دقائق تعرفت على وجوه جميع القتلة فأغلقت كتاب التاريخ فاهتز نشواناً… إنه...
هذا العالم تأكله جرذان الكومبيوتر قل لي هل يلد العقل جرذاً؟ ■ ■ ■ الليلة كتبت اسمك على أرض غرفتي، ومضيت أتسلّق الجدار ماشياً كما لو أنَّ هذا الكوكب بلا أحذية. ■ ■ ■ ماذا سنفعل لو وقفنا جميعاً، تشكيليين، وشعراء، وموسيقيين، أمام مقبرة جماعية تحوي آلاف جثث البشر الذين قتلوا رشاً ودراكاً أمام...
ضجّت القرية بالنبأ الذي انتشر بين بيوتها انتشار النار في الهشيم، علمتْ به فطوّش الصباغة من أم خليل، وسرعان ما نقله زوجها إلى ربعة المختار، وخلال ساعات كان كل من في القرية يعرف أنّ (خليل بك) سيزور القرية.. وهذه هي الزيارة الأولى له منذ أن أصبح وزيراً قبل سنوات.. وكلمة (بك) هي اللقب الجديد لخليل...
كان ذلك مساء أحد أيام الصيف في روما، التقيت به بجانب الأكاديمية حيث مرسمي في فبادل بابونيو- أي شارع الفرد، في قلب روما حيث الأكاديمية وباعة اللوحات القديمة، لمس يدي، رجل قصير بوجه لطيف يرتدي نظارتين، بعينين حمراوين - من فضلك فرماشيه "صيدلية"؟ تمعنت بوجهه مبتسما. - البروفسور سارتر؟ - نعم أنا هو -...
كان صديقي الشاعر العراقي الدكتور صلاح نيازي، هو الذي قادني الى مجلسها وقدمني لها ذات رحلة الى بغداد في مطلع السبعينيات، وفي صالون جانبي من ردهات فندق بغداد، حيث كانت تتربع فوق اريكة وبرية حمراء وسط مجلس من الرجال، بعضهم جاء الى بغداد ضيفا على مهرجان الفارابي، ويقيم مثلي في نفس الفندق، وبعضهم من...
فيما مضى إبان اندلاع إحدى الحروب في فارس – يحكى – وبينما وطيس الغزو مشتعل في المدينة وولولة النساء تتعالى كان هناك لاعبا شطرنج منهمكان في لعبتهما المتواصلة عيونهما عند ظل شجرة عريضة مثبتة على رقعة الشطرنج القديمة وبجانب كل منهما . منتظرين اللحظات الأكثر تسلية . وقد حركت القطعة وضعت جرة نبيذ...
إن الأمر لا يعدو أن يكون سخافة، سخافة صغيرة: أن يملك الإنسان شيئا خاصا به، رأس ثعلب مليء بالتبن معلق على جدار غرفته الباردة، مسبحة صفراء، اشتراها من محل شرقي عتيق، كتابا أصفر نادرا، امرأة تحبه، وترى في عينيه مصيرها، ذكريات مفككة، يجترها قبل أن يبتلعه النوم.. أو مرضا خاصا به. ولم لا ؟ إن الأمر لا...
يُنظر إلى عبد القاهر الجرجاني على أنه بلاغي وليس نحويا، ومكانته لا تكاد تذكر في تاريخ النحو العربي، ولا يشكل شخصية مرجعية علمية عند التعرض لقضايا النحو. ومن المثير في هذا الصدد ما جاء في التعريف بالطبعة الأولى من كتاب (دلائل الإعجاز ) التي كتبها السيد محمد رشيد رضا. كتب : أما الكتاب ( دلائل...
هكذا بدا الطريق فجأة. وكان ذلك عندما أبطأ السائق من سرعة السيارة، وانحنى على مِقوَدها في توجُّس. ومضى يصعد بها المرتفع ثم يدور مع الطريق وهو يُطلِق نفيره في صوتٍ حاد. لم يكن هناك من شبحٍ لكائنٍ واحد على مبعدةِ عشراتِ الأميال في كل اتجاه. وما كان أحدٌ ليتوقع غير ذلك في هذه الصحراء المترامية...
أعلى