محمد محمود غدية

أطياف وخيالات قصة قصيرة : بقلم محمد محمود غدية / مصر 1 موج البحر فى تدافعه وصخبه، يشعل طنينا فى أذنيه، يقتحم الوهن أيامه، تخبو شعلة فؤاده وتنكسر، يطل من شباك البحر، الطيور أشبه بالأشباح المتجمعة بين ثنايات السحب الداكنة، إختفت الشمس حجبتها غيوم ثقيلة، نفض عن معطفه ندف الثلج البللوري، وفوق...
عيناها النجلاوتان، أكثر لمعانا من مصابيح الشوارع الباهتة، السماء داكنة إلا من بضعة نجوم شحيحة تلمع فى ضعف، إستفردت بها الوحشة وداهمتها أنياب الوهن، تخاف الموت الذى بات وشيكا، منزلقا على جدران حجرتها، عاشت الحب ولم تكن تدرى له تفسير، تعرف فقط أنه موجود وتعيشه، ولم يعد موجودا، بعد أن تسلل هاربا من...
كانت العاصمة الإدارية الجديدة بمثابة الحلم، بعد تخرجه مهندسا مدنيا وهناك وجد عملا يتناسب ومؤهله، شهر عمل وأجازة إسبوع يقضيه بين الأهل، مثل كل الشباب يحلم بالزوجة والبيت والأولاد، إختار إبنة عمه الطبيبة فى المستشفى العام، تحابا وتزوجا وأفرخ الزواج عن طفل مثل القمر، والده فلاح بسيط مازال يفلح...
تراجعت إبتسامتها وتقلصت ملامحها، وهى تكبح دموع أوشكت أن تطفر، المقهى تخفف من رواده وعلى الطاولة المجاورة صحيفة مطوية، تركها صاحبها بعد أن فرغ من قراءتها، أو لم يقرأها فتركها ضجرا، تناولتها لتقرأ فيها مانشيتات صادمة، أعاصير وبراكين تغرق مدن كاملة من العالم، غضب الطبيعة لا يقاوم، ترتشف آخر قطرة...
يرى الرومانسية : أنها مثل طائر خرافى لا وجود له، تحلق بنا فى السحاب، بينما الواقع تحت أقدامنا بحفره ومطباته، وهى لا تؤسس للزواج الناجح، إكتسب مناعة ضد الحب، يرى النساء متشابهات كالزهور، ونسى أن هناك من الزهور الطبيعى والصناعى، إلتقى يوما وصديقه ماجد من سنوات الجامعة، اخذ وقتا فى التعرف...
يضحك وهو يقرأ طالعه فى الصحيفة، سترشح لمنصب كبير، كذب الطالع وهو المطرود من الخدمة، حال دخوله طواعية عش الدبابير وكشفه عن إختلاسات مالية، وبدلا من مكافآته تم الإستغناء عنه فى معاش مبكر، وهو الآن يجوب المدن فى رحلة بحث عن عمل، لديه مخزون من الرضا والطاقة الإيجابية التى تضيف البهجة فى نفسه وكل...
الخوف من الفشل إحدى الآفات الكبرى التى تداهمنا، مفتون بتلك السمراء المغوية والمعجونة بالجمال الهادىء، أصابته جرثومة الحب ودخلت دورته الدموية ومنحته شجاعة البوح بمكنونات الصدور، مسرة النفس والجسد، كانت ضمن المتدربات على كيفية مواجهة التحرش، وهو المنوط بالتدريبات فى إحدى النوادى الرياضية، بعد أن...
كل يوم يقصد البحر، يحاكيه يبحر معه بعين دامعة، يسترجع الماضى حيث طيور النورس والفراشات الملونة الجميلة، ورود حبيبته مازالت مزروعة فوق وسادته، ورائحة ضفائرها موغلة بذاكرته، أغلق قلبه حين أوشكت روحه على الغروب، بعد غيابها المفاجيء دون سبب، إستقبل النقاد ديوانه الأول بحفاوة لأنه لم يتاجر بآلامه،...
كل يوم تحصي النجوم وتخاطب القمر، لا أحد يسألها عما تفعل وهى العاشقة، اليوم عيد ميلاد حبيبها، إبتاعت له ساعة فاخرة، مصحوبة بكارت معايدة كتبت فيه : إلى أجمل الأشياء التى صادفتني فى عمري، إلى مظلتى ومعطفي وقت المطر، شاعرة تفيض رقة وعذوبة، أحبته حين إلتقيا فى جماعة الأدب منذ السنوات الأولى وحتى...
الشمس تشرق من شقائق خدها، تستقبل الصباح ببسمة حانية، مهوسان بالبحر مثل طائرين أليفين، فوق صخرة وحيدة عائمة فى بحر مضطرب، لا يشتهى وطن سواها، عيناه واسعتان سوداوان مشرقتان، تمنح الناظر لهما شعور بالسكينة والإطمئنان، روائح البلل والرطوبة تطوق الأماكن والملامح، يحاكيان البحر كل يوم، ويبحران فى...
أتعبته الحياة وحملته جراحات عميقة وهزائم، حتى أنه لم يعد بالقلب متسع لأحزان آخرى، عن سؤال الأصدقاء المتكرر والذى ألفه، فى عدم زواجه وهو الأربعيني الميسور والمأسور بعشق النساء ؟ يجيب أن الحب يرقق الحنين فى الأرواح ويجلي الحواس، أشبه بالأقمار والنجوم التى يتطلع إليها المرء، الزواج هو الحفرة...
السعادة تشبه ذلك العصفور الذى يطير فى كل الدنيا، ثم يتوقف فوق شجر الترقب أو فوق نافذة، هناك من يغلق شباكه فى وجهها، لأنه لم يقوي على النهوض من تحت الدثر تكاسلا، لايفعل ماتفعله البجع فى سعيها للرزق فى ثلج الفضاءات العاصف، ثلاثيني عمل فور تخرجه محاسبا فى مصانع عمه، أحب إبنة عمه وهى أحبت غيره،...
مع آخر رشفة من فنجان القهوة إستكانت كآبته وهدأت، خمسيني خرج فى معاش مبكر زمن الخصخصة أو المصمصة، متزوج لم يرزق بالأبناء، رفض الزواج بآخرى حين طالبته أمه لرغبتها فى رؤية أبنائه قبل أن تموت، قائلا : ماذا لو أصابني العقم هل تتزوج زوجتي بآخر ؟ عمل ساع فى فى إحدى المؤسسات، أحبه الجميع يقرأ الصحف...
الأضواء المنعكسة على صفحة النيل تشكل لوحة من الفن التشكيلي الجميل، تصنعها الطبيعة أفضل من ريشة فنان، فى صدره شجون من أحلام وصداقات تباعدت وأحدثت شرخ موجع، صدره حقيبة مغلقة، يغمس قلمه فى محبرة الآسى، يكتب قصص قصيرة لا تفلح فى إزاحة ركام الأحزان، يرى فى نشر قصصه فى بعض الصحف والمجلات عزاء يفتت...
عجز عن إسعاد نفسه وهو الدودة التى لا تكف عن إلتهام الكتب وحفظ الأشعار، حاول أن يتخلص من الهموم المثقلة برأسه فلم يفلح، الجمال يتقلص ويسود القبح فى كل شيء حوله، التلوث السمعي والبصري، حتى المرأة النضرة كالثمر الطازج، التى أحبها أصبحت كالورد الصناعي لا طعم ولا رائحة، مصبوغة بالألوان منفوخة...

هذا الملف

نصوص
428
آخر تحديث
أعلى